كنت أحاول منذ فترة طويلة البدء في تأليف روايتي الأولى على أن أخصص لكتابتها ساعتين يومياً، لكن كلما هممت بالجلوس والكتابة انشغل بشيء آخر، حتى قررت أن أكتب على هاتفي المحمول الذي هو في متناول يدي ولايفارقني،وفي هذه المرة نجحت أن أستمر في كتابة روايتي حتى أنهيتها.ولكن أليس من الغريب أن يحدث هذا التغيير البسيط تغييراً أكبر في السلوك.
جعلت أفكر ما الذي حدث وساعدني على النجاح في المداومة على كتابة مشاهد الرواية حتى أنجزتها رغم إخفاقي قبل ذلك على مدار شهور طويلة. إن ما حدث هو أني جعلت إجراءات البدء في عملية التأليف بسيطة وقليلة. أصبح الهاتف أمام عيني وفي متناول يدي باستمرار، بعد ذلك أصبح من اليسير أن أجلس في أي وقت وفي أي مكان وأمسك هاتفي وانطلق في تأليف مشاهد روايتي.
هذا ما فعله أيضاً خبير على النفس الإيجابي شون أكور في كتابه " ميزة السعادة " عندما أظهر الغيتار أمام عينيه ليسهل عليه التدريب لساعات طويلة فقد نجح أن يتدرب لمدة 21 يوماً على التوالي! ومن هنا جاءت فكرة " العشرين ثانية".
قال شون أن العشرين ثانية التي يعد فيها غيتاره حتى يبدأ التدريب كانت مانعاً نفسياً له لتمنعه عن البدء في التدريب في كل مرة، حيث يتوجه لفعل أموراً أسهل كمشاهدة مباراة لكرة القدم مثلاً. لكنه عندما جعل الغيتار مفتوحاً وفي متناول يده أعطاه الدافع لبدء التدريب على العزف عندما يقرر البدء في ذلك
إن الدافع الذي يتولد لدينا لبدء عمل ما يطلق عليه علماء النفس " الطاقة التنشيطية “. وعندما تكون هناك عقبات للبدء، وليس بداخلنا حافزاً قوياً للتغلب عليها، في تلك الحالة بالتأكيد سنختار شيئاً سهلاً لنقوم به
إذا علمنا قاعدة العشرين ثانية وفهمنا طبيعة الإنسان وكيف يفكر فلابد لنا الآن أن نستفيد مما عرفناه في تحسين سلوكنا الإيجابي
وهذا يتحقق عندما نقوم بتقليل مقدار الطاقة التنشيطية المطلوبة للقيام بنشاط مفيد،وزيادتها بالنسبة للأنشطة التي نعتبرها سلبية. فمثلاً إذا تولدت لديك رغبة في قراءة كتاب أو رواية ضعه في مكان ظاهر أمامك دائماً، بالمقابل احذف من على هاتفك كل تطبيقات التواصل الاجتماعي التي تهدر وقتك دون فائدة.
كيف تحسن سلوكك الإيجابي؟
في النهاية يبقى أن ننوه إلى أن العشرون ثانية هي مجرد مثال قد ينطبق على حال شون الذي ذكرناه،ولكنه في الأصل مفهوم عام مرتبط بطبيعة كل البشر. حيث يمكنك وضع عقبات أمام الأعمال الضارة والغير مفيدة بالقدر الكافي الذي يثنيك عن فعلها.وتفعل عكس ذلك مع الأعمال المفيدة. يجدر بنا أن نذكر قول الله تعالى في هذا الصدد " يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان" هذا بالنسبة للبعد عن الأفعال السلبية أم بالنسبة لفعل الأنشطة الإيجابية فنذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم " خير الأعمال ما دامت وإن قلت "
تعليقات
إرسال تعليق